محمد إبراهيم (الجزائر)
تحت شعار «يتحاسبوا جميعا» يتوقع احتشاد آلاف الجزائريين في مختلف الولايات اليوم، فيما رجحت مصادر سياسية لـ«الاتحاد» أن يتم قريبا تقديم شخصيات كبرى وصفتها بالمفاجأة إلى العدالة، وشهد الأسبوع الماضي تقديم 5 رجال أعمال مقربين من بوتفليقة بتهم الفساد إلى القضاء، إضافة إلى اثنين من القادة العسكريين السابقين، فضلا عن حركة إقالات شملت عددا من كبار المسؤولين في الدولة، كان آخرهم حميد ملزي مدير إقامة الدولة، وهو منتجع سكني فاخر يقيم به كبار مسؤولي الدولة.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«الاتحاد» إن «الأيام القادمة ستشهد تقديم شخصيات تمثل مفاجأة للقضاء»، مضيفة أنه قد يكون من بينهم السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق والجنرال محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق، مدير المخابرات الجزائرية الأسبق الذي أقيل من منصبه في 2015 واتهمه الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع رئيس الأركان الجزائري صراحة في خطابه قبل الأخير بالمسؤولية عن تأزيم الأمور.
وأضافت المصادر «عقب تصريح الفريق قايد صالح ضد الجنرال توفيق تم الكشف عن مؤامرة جديدة، عبر ضبط أشخاص مسلحين ومعهم أجهزة اتصال وأسلحة نارية وبيضاء، واتهم الفريق صالح أطرافا داخلية ببيع ضمائرها والتآمر على البلاد، كل هذا يصب في اتجاه أن ساعة الجنرال توفيق قد اقتربت».وتولى الجنرال توفيق رئاسة المخابرات الجزائرية بين عامي 1990 – 2015، ويعرف باسم «رب الجزائر». وأوضحت المصادر أن كل رجال الأعمال الجاري التحقيق معهم مرتبطون بالسعيد بوتفليقة أي أن السلسلة التي بدأ التحقيق معها لابد أن تنتهي به حتما، وانتشرت خلال اليومين الماضيين على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للتظاهر اليوم الجمعة، في عاشر جمعة منذ بدء الحراك الشعبي في 22 فبراير الماضي، للمطالبة بمحاسبة رموز نظام الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة خاصة المتهمين بالفساد منهم.
ودعا مصطفى بوشاشي القيادي في الحراك الشعبي إلى الحفاظ على الطابع السلمي للحراك الشعبي ووحدة الجزائريين والوحدة الترابية للبلاد من أجل تغيير النظام السياسي القائم.وجدد بوشاشي تأييده لفكرة أن الحل المناسب للخروج من الانسداد الحالي يجب أن يكون سياسيا، وقال إن حل الأزمة السياسية الراهنة لا يمكن أن ينبثق عن الدستور الذي تم تعديله في 2016 لضمان استمرارية نظام بوتفليقة، وهو دستور لا يسمح بالتوجه نحو ديمقراطية حقيقية.
ودعا بوشاشي إلى الخروج من الأزمة الحالية عبر مرحلة انتقالية قائمة على بعض الآليات التي من شأنها ضمان تغيير النظام والتوجه إلى ديمقراطية حقيقية، ومن أهمها قيادة جماعية مع طرف شخصيات ذات مصداقية ونزيهة.
واعتبر أن أول مهمة لهذه القيادة الجماعية هي وضع إطار قانوني للتوجه إلى انتخابات حقيقية وإنشاء لجنة لتنظيم الانتخابات وتعديل القانون الانتخابي، على أن تقوم بعد ذلك بتعيين رئيس حكومة على أساس مشاورات مع الطبقة السياسية وممثلي المجتمع المدني، مضيفا أن مهمة تنظيم الانتخابات يجب أن تتولاها لجنة مستقلة تتكون من ممثلي المجتمع المدني.وقال:»من اجل محاربة الفساد يجب ان تكون لدينا عدالة قوية ومستقلة وعلى هذه العدالة أن تعتمد على نظام قائم على الديمقراطية الحقيقية لأداء مهامها، وعلى المؤسسة العسكرية مرافقة الشعب وحماية الوطن، ونحن نحتاج إلى هذه المؤسسة لمرافقتنا خلال المرحلة الانتقالية إلى غاية وضع مؤسسات انتقالية من دون أن تفرض علينا خريطة طريق».
وعلى الجانب الآخر، دعا حسان رابحي وزير الاتصال (الإعلام) الناطق باسم الحكومة الجزائرية إلى ضرورة بلورة المطالب والشعارات التي يتم رفعها خلال المسيرات السلمية في مقترحات تكون مبنية على حوار جاد.وقال رابحي في تصريحات له إن الجزائر تحتاج حاليا إلى بلورة الشعارات والمطالب التي يرفعها ملايين الجزائريين في المسيرات السلمية المنظمة كل يوم جمعة في مقترحات مبنية على حوار جاد تشارك فيه كل الأطراف بما فيها الأحزاب السياسية والجمعيات، مشددا على أهمية تعيين كفاءات لتمثيل المتظاهرين للتحاور مع الدولة.وحذر من الدخول في فراغ دستوري، ودعا الشعب الجزائري إلى الوقوف أمام كل من تسول له نفسه المساس بحرمة البلاد وإحداث الفوضى.
وبرر رابحي غياب الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح عن اللقاء التشاوري الذي دعا له يوم الاثنين الماضي، قائلا إن الرئيس بن صالح يتولى منصب الرئيس بحكم الدستور وهو يتحمل مسؤولية ثقيلة لتنظيم انتخابات رئاسية حرة، وأضاف أن عدم حضوره يعود إلى عدم رغبته في فرض وجهة نظره وكذا نيته في توفير الظروف الملائمة لحوار يجمع كل الأطراف.وعن التحقيقات التي تجريها الجهات القضائية وحملة التوقيفات التي طالت مسؤولين في الدولة ورجال أعمال، قال رابحي إن الجزائر دخلت عهد الديمقراطية والعدالة فوق الجميع وهي من سيتولى بحث ودراسة كل الملفات التي لها وقع سلبي على الاقتصاد الوطني واستقرار الأمة.
ودعا إلى ترك العدالة تؤدي مهامها والبت في كل هذه الملفات، وإلى احترام مشاعر الأشخاص المشتبه في تورطهم في هذه الملفات وكرامة عائلاتهم.ورغم أن قيادة الجيش الجزائري دعت أكثر من مرة قطاع العدالة لمحاسبة الفاسدين إلى أن هذا الأمر عرضها لهجوم إعلامي على مدار اليومين الماضيين، باعتبار أنها تتدخل في سير التحقيقات وهو الأمر الذي نفته وزارة الدفاع الجزائرية في بيان لها.وقالت الوزارة في محاولة تضليلية مفضوحة، قامت بعض عناوين الصحف الوطنية بتقديم قراءات مغلوطة لبيان وزارة الدفاع الوطني المتعلق بكلمة الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، التي ألقاها بالناحية العسكرية الأولى«.
وأضاف البيان أن وزارة الدفاع الوطني تكذب قطعيا هذه الافتراءات التي جاء بها محررو هذه المقالات الصحفية التضليلية، خاصة المتعلقة بالأوامر المزعومة للفريق قايد صالح بخصوص فتح الملفات المرتبطة بالفساد وتسيير المرحلة الانتقالية.وأكدت الوزارة عزيمة وإصرار الجيش على أداء مهامه بما يخوله الدستور، مشيرة إلى أن التزام وتعهد الفريق قايد صالح بضمان سلامة وأمن المواطنين خلال مسيراتهم السلمية، ومرافقة الهبة الشعبية في مسار البناء الديمقراطي، إلى جانب توفير الضمانات الكافية للهيئات القضائية لأداء مهامها بكل حرية من دون قيود ولا ضغوطات، خاصة في مجال مكافحة الفساد ونهب المال العام يأتي في إطار روح الواجب الوطني.